قوتــــان تتــــولّد منهما ثالـــــثة : فى الأفــــــلاك هما قوّتــــا الجذب والدفــــع .
ومنهما الحركة الدائــــمة .
وفى المسكونة بأســـــرها . هما الانفصــــــام والانضمــــــام . أو ما نـــــدعوه المـــــــوت والحياة ونتاجهما
هو كل مانراه من الكون فى الدقيقه التى نحن فيها .
وفى الكهرباء قوّة السلب والإيجاب . ومنهما ينبثق النور والحرارة .
وفى حياة الإنسان هما الخـــــير والشــــــرّ . أو ماتعوّدنا أن ندعـــــوه خــــــيرا أو شـــــرا . ومنها البشريه
فقبل أن تأكل حـــــــواء مـــــــن الشــــــجرة المحـــــــرّمة وتطعم زوجها ، أى قبل أن يعرفا ( الخير والشر)
كانا عقيمين ولا ذريّة .
اّدم وحــواء ومنهما قايــين ــــ الوالــد والوالـــدة والمولـــــود ثالثهمــا .
قوّتان تتولّد منهما ثالثة . ولا تكتمل الحياة إلا إذا اكتــــــملت فيها هــــــــذه القــــــــوى الثــــــلاث . فهــى
كالمثلث المتساوى الأضلاع . إذا فقـــــــد منــــــــه ضـــــلع واحــــــــد فقد كلّه . وإذا اختلّ منه ضلع واحد
اختلت مساواته وتشوّه كماله الهندسىّ .
الوالــد والوالــدة والمولـــود ــــ هؤلاء هـــــــــــم مثلث الحيـــاة البشــريّة ..وهم أبـــــدا متعادلـــــون فــــى
الجوهر وإن اختلفوا فى المظــــــهر . .. أما الجـــــوهر فهـــــو أن للواحد منـــــهم ما للاّخـــــــر من الأهمية
فى تجديد الحياة وحفـــــظها . لذلك فقيــــــمة الواحــــــد لا تقــــــلّ عن قيــمة الاّخــــــر ولا تربى عليهـــا
وأما المظهر فهو التباين الذى رتّبه الخـــــــالق فـــــى الوظيـــــفه التـــــى انتـــــدب كلاَ منهم للقيام بهـــــا
ليتمّ بالحياة وتتم به . فما دامــــــت البشــــــريّه لا تقــــــوم بالرجـــــل وحده ولا بالمرأة وحدهــا ولا بالطفل
وحـــــده ، فكــــــيف لبشــــــــر أيــّا كان أن يفضــــــل الرجل على المـــــرأة ، أو المـــــرأة على الرجــــــــل ؟
ذلـــك أبعــــد مـــن تصوراتـــى وأعمــــق مـــن مداركــــى .
صعب علىّ كذلك أن أفهم القصد ممــــا يدعونه ( الحركة النسائية ) التى أراها قائـــــمة عـــــلى وهــــــم
وذلك الوهم هو أن الرجل حر والمرأة عبدة . وأنّه ينال من الحياة أكثر ممّا تنال . وأنّه القوى
وهى الضعيفة . . فلو ضــــحّ ذلك لاختــــلّ توازن الوجـــــود ولاختلط حابله بنابله . غير أن الطبيعة جعــــــلت
بين ما تتطلبه من الرجل وما تتطلبه من المرأة وبين ماتمـــنحه وتمنحها توازنــــا يفــــوق بدقّـــته كـــل إدراك
فحيثما أجزلت العطاء للرجل وتباخــــلت على المــــرأة تراها فى حـــــالة أخرى قد عكـــــت الاّية لتحفــــــــظ
التوازن . وتلك خطتها مع الطفل . فهى تأتى به الى الوجـــــود عريا من كل سلاح . فــــلا إدراك ولا قــــــــــوّة
لكنها تستعير له قوة من قوّة والديه وإدراكا من إدراكهما . وفوق ذلـــك تحيـــطه بعطـــف خـــارق من كــــــــــل
البشر . حتى من كل حيوان . وبذلك تحفظ التوازن بينه وبين والديه فيبقى مثلث الحياة متساوى فى الأضــلاع
لم تكن المرأة فى دور من أدوار التاريخ أقلّ حظّا أو حرية من الرجل ولا أحط منه ولا هى كذلك اليوم فهـــــى إن
تكن عبدة فلأن الرجل عبد . أو يكن الرجل عبدا فلأنها عبدة . إذ ان مايرفع الرجل يرفع المرأة ومايحطّها يحــــطّه
وما يحرره يحررها ، وما يقيّدها يقيّده ، فبالسلاسل التى يكبل يديها يكبل يديه وبالقنــاع الذى يقنـــع وجههـــــا
يقنّع روحه . ماظلم بشر بشرا إلا كان هو المظلوم أولا بظلمه . لا ولا استعبد رجل امرأة إلا جعل نفســـه عبـــدا
قبل أن يجعلها عبدة .
الرجل الحرُ لا يزاوج عبدة . وإذا زاوجها فإما يحرّرها بحريته . وإمّا تستعبده بعبوديتها . لا ولا يمكن حرّا أن يكـــــون
أبّا أو أخّا لعبدة . فمثلث الحياة لا يعرف الخلل لأنه مظهر نظام لا خلل فيه . فحيثما استطال ضلـــع مــن أضـــلاعه
استطال الاثنان الاّخران به . وحيثما قصر ضلع قصر الاثنان الباقيان بقصره . ومن يرى فى مثلـــث الحيــــاة خلـــــلا
أو نقصا فلحسور فى بصره أو قصر فى إدراكه .
إن تكن المرأة جاهلة فلأن الرجل جاهل . فعليها حين تشفق على جهلها أن تشفق على جهله . فلا نفـــــع لها
من الانتقام . ولا بركة فى الحركات النسائيه تجعل الرجل هدفا لنقمتها ،
بل لا بركة فى أية حـــــــركة
كانت تفصل بين الجنسين وتجعل منهما خصمين . لأنها بذلك تصرف قوى ثمينه عن العمل فى الحقل الوحــــــــــيد
الذى الذى نتاجه يعود بالخير على الإثنين . وهو حقل التعاون لا التخاصم . فلا حرية للمرأة بغير حرية الرجــــــل ولا
سعادة له بغير سعادتها ..فلا تتم إلا به ، ولا هو يتم إلا بها .
يستحيل عليه أن يسبقها فى مرحلة من المراحل ، وعليها أن تسبقه ,
ويستحيل على الاثنين أن يسبقا الطــــفل
ولو شبّهت البشرية بمركبة تجرها ثلاثة جياد لكان الرجل والمرأة والطفل بمثابة تلك الجياد .
لا يدرك الواحد منــــــها
عطفةُ من الطريق إلاّ يكون الاّخران قد أدركاها معه فى الدقيقة عينها .
الرجل والمرأة والطفل ـــ ثلاثة يسيرون أبدا فى سبيل واحد بخطوة واحدة. فلا قائد ولا مقود . ولا رئيس ولا مرؤوس
ثلاثة فى واحـــد وواحــد فى ثلاثـــة.